آداب طالب العلم

لا شك أن العلم شرف لكل انسان فكما يقول الامام على ابن أبى طالب:


" كفى بالعلم شرفا أن يدعيه من ليس بأهله و كفى بالجهل عارا أن يتبرأ منه من هو فيه".
فلو أننا نعتنا أى انسان بصفة العلم لوجدناه و قد سر وجهه و على العكس اذا نعتنا أى شخص بالجهل لوجدناه غضب و ثار حتى لو كان الجهل صفة متأصلة فيه.


لابد أن نعرف أن الجهل صفة متأصلة فى خلقة الانسان فمن صفات الانسان فى القرآن الكريم أنه جهول و هذا هو الطبيعى فأى انسان يولد لا يعرف شيئا عن أى شىء ثم يتعلم شيئا فشيئا فتزداد صفة العلم و تقل صفة الجهل.

و اذا أردت أن تعرف ماهى الفروق بين العالم و الجاهل فانظر الى شخصين أحدهما عالم و الآخر جاهل فلابد أنك ستلاحظ الفرق بكل بساطة من الوهلة الأولى.


من الجدير بالذكر أن الله تبارك و تعالى لم يأمر نبيه الكريم فى القرآن بأن يستزيد من شىء أبدا الا العلم فقد قال تعالى :

"و قل ربى زدنى علما".

من الملاحظ أن العلم يرفع صاحبه الى أعلى الدرجات فكم من ضعيف متضعف رفعه الله الى الثريا بالعلم.
تلك كانت مقدمة بسيطة عن العلم لكن قبل أن يصبح المرء عالما لابد أن يمر بمرحلة طلب العلم.

و لكن ماهى آداب طالب العلم؟

هناك 6 آداب لطالب العلم لخصها أحد العلماء فى بيتين من الشعر فقال:

أخى لن تنال العلم الا بستة              سأنبيك عن تفصيلها ببيان.

ذكاء و حرص و افتقار و غربة        و تلقين أستاذ و طول زمان.

هذه الستة هى عماد طالب العلم، فمن أهدر واحدة منها كان الخلل فى بنيانه بقدر ما أهدر.

1) الذكاء: أول مايلزم طالب العلم هو الذكاء، و ليس المقصود بالذكاء درجة الفهم فقط و لكن أيضا الذكاء فى اختيار نوعية ما يدرس، فليس من المعقول أن يبدأ طالب العلم بدراسة المسائل المتقدمة فى تخصصه قبل دراسة مبادىء هذا التخصص و الا فسيكون لديه مجرد معلومات عامة و ليس علما و الفرق بينهما شاسع اذ أن العلم لابد أن يبنى على أسس معينة و مراحل دراسية معينة، فكل مرحلة علمية تنقل طالب العلم الى المرحلة التى تليها و بهذا يكون لديه منهجية فى التعلم و التطبيق بعد ذلك.

2) الحرص: أهم ما يحرص عليه طالب العلم هو الوقت اذ أنه لابد أن يعرف أن الوقت محدود و أن لديه عمل كبير لابد أن ينجز فتكون النتيجة أن طالب العلم هذا تتولد لديه همة عالية جدا فيكون من أحرص الناس على وقته و يحاول استغلاله بكل شكل ممكن.
فمثلا نجد أن الدكتور مجدى يعقوب ينام فقط 5 ساعات متقطعة يوميا.
و عندنا فى التجارة جملة تقول وقت = مال و معناها أنك كلما استغللت الوقت كلما حصلت على المال أسرع و العكس بالعكس.


3) الافتقار: معناه التواضع فاذا لم يكن طالب العلم متواضعا فانه لن يتعلم شيئا،
و تواضع طالب العلم مطلوبا مع من هم أعلى منه و من هم أدنى منه فى درجة العلم.
فطالب العلم الذكى هو الذى يتواضع لأستاذه فتكون النتيجة ان يحصل على كل العلم الذى يريده بسهولة.

4) الغربة: غربة طالب العلم نوعان الأولى هى الغربة الحسية بعنى أن يرحل الى بلاد أخرى ليحصل العلم فيها و تلك الرحلة تكون مفيدة جدا اذ أنه يحصل منها على ما لا يمكنه أن يحصل عليه فى بلده من العلم لا سيما اذا رحل الى بلد متقدمة فى تخصصه.

النوع الثانى من الغربة هو الغربة المعنوية بمعنى ان طالب العلم يشعر بالغربة عمن حوله خاصة اذا كانوا لا يهتمون بالعلم فتجد أنه ليس له و نيس منهم يحفزه و يشجعه على العلم و ما أكثر هؤلاء فى هذا الزمان.

5) تلقين أستاذ: لا يمكن لطالب العلم أن يرتقى فى درجة العلم او يصبح عالما فى يوم من الأيام الا من خلال أستاذه.
بعض طلبة العلم يعتقد بأنه اذا قرأ من الكتب سوف يحصل على العلم من خلال تلك الكتب و هذا أمر خاطىء جدا و فى غاية الخطورة ،لأن نتيجة القراءة من الكتب دون أستاذ يشرج ما فيها ،أن طالب العلم قد يفهم بعض الأشياء على غير المراد منها و بالتالى يصبح لديه مفاهيم خاطئة كما أنه يقتقد الى سمت العالم و صحبة العلم.

أهم ما ينفع طلب العلم من صحبة أستاذه أنه يوفر عليه الوقت و الجهد فيعطيه المعلومة سهلة دون أن يكلفه مشقة البحث و التدقيق فى الكتب التى قد لا يصل من خلالها الى نتيجة تذكر.

لابد أن نعلم أن الكتب لها مفاتيح و أن تلك المفاتيح بأيدى العلماء.

6) طول زمان: لا يصبح العالم عالما الا بعد سنوات طويلة فى طلب العلم فالعلم لا يسلم قيده لأحد بسهولة و لكن لابد من الجهد الشاق على مر سنوات.
و من الملاحظ أن طالب العلم كلما زادت سنوات طلبه و تحصيله للعلم كلما نضج و اصبح لديه ملكة فى هذا العلم الذى يطلبه، فليس من المعقول أن رجلا يطلب العلم منذ سنة أو سنتين سيكون عنده ما عند رجل يعكف على العلم لمدة ثلاثين سنة.